الخميس، 10 ديسمبر 2009

النزعة الثورية التحررية في قصائد الشاعر خميس سالم الكندي

--------------------------------------------------------------------------------

عاش الشاعر الشعبي خميس سالم الكندي ما تبقى من حياته مهاجرا منذ أن غادر موطنه محتجا ومتذمرا من الوضع الذي ساد اثر القضاء على ثورة بن عبدات وهو صاحب البيت الشهير الذي وصف فيه الغرفة مسقط راسه التي أقام بن عبدات دويلته فيها ضمن سلسة التناحر بين آل كثير حول تقاسم السلطة والنفوذ في المنطقة ، ويبدو من خلال قراءة أشعار خميس الكندي أنه كان ضمن من اعتبرو حكم بن عبدات حكما عادلا وفرغوه من صفة التوسع في الأراضي بين آل كثير لتوزيع وتقاسيم النفوذ بينهم وأشادوا به وبقضاءه على طغيان الأقوياء على الضعفاء في الغرفة واقامة العدل بينهم ونشر الأمن وجعل الناس على مختلف طبقاتهم سواسية في الحقوق والواجبات :




ردوش يالغرفة كما برلين مستر انجرامس وشمبرلين



اشتهر الشاعر خميس سالم الكندي بنزعة التمرد على التقاليد والتقسيم الطبقي وانطلقت مساندته في سنين عمره الأولى لحركة بن عبدات من هذا المبدأ وأبدع لاحقا من مهجره في الصومال وبارك وأيد الخطوات الثورية التي اتخذها النظام الثوري الذي قام في جنوب اليمن ووقف مع قرارات التأميم وشعار الأرض لمن يفلحها لا لمن يملكها والإنتفاضات التي تضررت منها قوى قبلية في حضرموت الداخل ولم تخل أشعاره من النزعة الدينية الإسلامية ومقارنة عبيد بن صالح بن عبدات بالخلفاء الراشدين حيث قال عنه :




أحيا تواريخ العرب من بعد سيدنا عمرلولاه كان ايهود خيبر عالعرب يتحكمون




وتعرض للمتخاذلين من حملة السلاح الذين تعارضت مصلحتهم مع ما دعى اليه بن عبدات ( حسب منظور كندي ) فقال :




وأما القبوله راحت بشتني وعشّاروشجعانها ماليوم رجعوا ذلالـي




وحول اتفاقيات الحماية والاستشارة التي دخل فيها الإستعمار الى حضرموت يخاطب كندي أولئك الذين ارتضوا لأنفسهم التوقيع عليها فيقول :




رضوا على البيعة ولا شاهد على البيعه حضرسوى الجماعة كتبوا الصيغة وهم بايشهـدون
آه على همدان لي حضروا ولا واحخد فكـرنهار حضروهم بغوهم عالوثيقـة يطرحـون
قروا لهم خطبة طويلة من سمعها مـا أنذعـرنحنا حسبناهـم شـوي عالبيـع بايترجلـون
ما قاصر الا الحلق والمحـزم لتلقـوم البقـرلحقوا عرب لو شي هوس واحبا بايتخطمـون
عاد النشر يوقفن فوق النوف لا شفن الخطـروأمامهم الا ناس تبعوهـم علـى مايزعمـون
والحاصل ان الأرض باعوها لهم بيع الجـزرمن غيـر قيمـه للحكومـة كلهـم يعقلـون
ما البطل ضرغام الجزيرة لي كلامه ماقصرعبيد صالح مارضى بالذل كما لي يسكتـون

في أوج المد الثوري العارم الذي شهدته بلادنا مطلع سبعينيات القرن الماضي في عهد الرئيس الراحل سالم ربيع علي ( سالمين ) نظم الشاعر خميس سالم الكندي رائعته وحي الحياة ( نسميها رائعة لمحاكاتها للواقع الجديد للقوى العاملة المتحررة من سيطرة القوى الراسمالية والطبقية التقليدية ) وحث فيها العمال على المطالبة بحقوقهم وضمنها وصفا دقيقا للوضع الإجتماعي في حضرموت وجنوب اليمن عموما قبل الثورة وزايد مثلما زايد كثيرون على ما جلبه العهد الجديد من مساوىء كانت في نظر كندي تعديلا لشوكة الميزان ووضعا يجب أن يسود للقضاء على التمايزات الطبقية وهو مقارنة بغيره من الشعراء الذين لا نجد وصفا نصفهم به سوى أنهم مرتدون على أعقابهم لم يتراجع عن مواقفه السياسية ومنظوره الإجتماعي وربما أن وفاته في مطلع التسعينيات من القرن الماضي وقبل التحولات السياسية التي شهدتها المعمورة لم تبرز لنا على أرض الواقع عن ماذا سيكون عليه حال الكندي لو طال به العمر وفيما إذا كان سيركب الموجة الجديدة التي ركبها شعراء آخرون غيره مسايرة منهم لطبيعة الوضع السياسي والإجتماعي البائد المتجدد ودون اغفال وجود شعراء ملتزمون لم يحيدو عن النهج والخط رغم ما ساد وضعنا العربي من تغييرات أدت إلى التخلخل وتذبذب رواد مواقف رواد الكلمة وتغيير مناهجهم السياسية لتتوافق مع المعطيات الجديدة :
قال الفتى الشاعر نظمت أبيات من وحي الحيـاه
كلام شعبي بحـت مالـه أي علاقـه بالنحـاه
لا رفع للفاعـل ولا مفعـول بـه مجـزوم لاه
كـلام للحـذاق والعقـال مـن كنـدي لـقـاه
لعبيد مبيريك وحميّـد (1) ومـن يحـذو حـذاه
والعامـل العـادي وللبحـره ولخـوان المنـاه
الحيك والحرّاث ذي يسرح ويضوي فـي خـلاه
لي راسماله حبل والتاجر معـه بقـره وشـاه
الراسمالييـن حرموهـم وخلـوهـم حـفـاه
ما عغلموهم شي خلاف الوضوء وأركان الصلاه
من شان ما حد منهم يعرف حقوقه في الحيـاه
يسرح بمزحاته ولكدة تمـر فـي قفـة غـداه
ولا ضوا المسكين حصّل قرص بالروبه عشـاه
واذا رفع راسـه شويـه كلهـم شطـوا قـداه
قالـوا تنحـوا الخويـدم أو تكبّـر ايـش جـاه
وتدخلوا في اسمه وفي قوته وحتى فـي كسـاه
عبيد لا يمكـن يسمـى عندهـم عبـد الإلـه
والقـوت خوريـه يطحنهـا ويلقيهـا غــداه
واللبـس خمسـه يـاردي كـاره يذبلهـا رداه
والعيد معوز موشحـي يلبسـه للزينـه كفـاه
الحاصل ان الظلم عالعامـل وصـل لا منتهـاه
ما حد تنكّف له ولا حـد قـال ليـه الظلـم لاه
صبروا على التمييز لكن صبرهم غلّـق مـداه
ما اليوم بوخالد (2) عطاهم قسم وافر في الحياه
أعطاهم السلطه وهم في مجلـس الأمـه ولاه
وحميد ومبيريـك بايترشحـوا رغـم الوشـاه
لا ترشح مبيريـك كـل النـاس باتأخـذ قـداه
والمستغل الراسمالـي ذا الزمـن ماحـد بغـاه
مهما بذل من مال بايسقط ولا حـد مـن قفـاه
مضى الزمن أيام كانت النـاس تتمنـى رضـاه
قل للحبايب (4) والطبانه حقنا الشرعـي نبـاه
لفقاش والجعلاه تأمم صنعهـم سعـف القنـاه
في العالم العربي جميعه حصلـوا عـزّه وجـاه
والفاس والمزحاه أصبح شيء مقدّس في الحياه
لولا المزاحي والقدم ما نبعـت عيـون الميـاه
والبيت لي تسكنه والدكان من هـو لـي بنـاه
والتمر لي تأكله نخله من في الحفـر سبـاه ؟
والمال هذا لي تبخبخ فيه من هـو لـي نمـاه
اليس هو من عرق العامل ومن صفوة دمـاه ؟
ما تعرفون أن خيركم كلـه بمـا كسبـت يـداه
ذا لي حصل من يمنـي مـارس وبعيونـه رآه
والجوع في رمضان ذكرى للمساكيـن العـراه
والعاطفه دفعتـه ولا القـول هـذا مـا بغـاه
وبعد يالعاني نهـار السبـت سافـر بالوصـاه
خطاب للعمـال مـن شاعركـم الكنـدي لقـاه
عطه الطليعه (5) خلها تنشر خلاصـة محتـواه
قل للذي يكتب يـرص الحـرف بدقـه وانتبـاه
يكتب كما يقرأ ويحذف كل شـيء زايـد يـراه
لاجل المثقف ما يجد أدنى صعوبه فـي القـراه
في الحفـظ والتحريـك والتمييـز بيـن آه وآه
ما القارىء العادي سيقرأها بدون أدنـى عكـاه
لانهـا بنيـت علـى ذوقـه تعالـج مستـواه
واهدي تحياتي لكل عامـل بـدأ يحشـد قـواه
ينظر الى المستقبل الزاهـر وينسـى مـا وراه
ولا يفرّط فـي حقوقـه لجـل يعطيهـا سـواه
لا ينحني راسه ولا يخضـع لشخصيـه كمـاه
ويخلص لشعبه والوطن والله يحقق مـا نـواه

1) عبيد ومبيريك وحميد : الأسماء السائدة لأبناء الطبقات الرثة في المجتمع الحضرمي
(2) بوخالد : يقصد الزعيم العربي الخالد جمال عبد الناصر الذي كان رعاة المد الثوري التحرري في الوطن العربي وأحد مبتدعي سياسة تمليك الأراضي الزراعية للفلاحين بعد نزع ملكيتها من كبار الملاّك ويبدو أن الشاعر الكندي تأثر كغيره بالمد القومي الناصري .
(3) عنى بهم كبار الملاك من طبقة الكومبرادور .
(4) تذكير للسادة الذين يستمدون نفوذهم من الدين بأفول عهدهم وسقوط خزعبلاتهم وانتهاء سطوهم على رقاب العباد .
(5) صحيفه عرفت باسم ا لطليعه واكب كندي من مهجره تفجر الوعي السياسي في الأوساط الشعبية الحضرمية التي تأثر بها وعاصر مجريات الأحداث فيها وبما حوته من تمايزات اجتماعية يصعب تجاوزها ولم تكن تلك التمايزات قصرا على حضرموت وسادت في كل نواحي جنوب اليمن وبروزها كواقع يلمسه الجميع في حضرموت كان واضحا بسبب طبيعة المجتمع المدنية التي لم تكن تقل في مستواها عن مجتمع جنوب أفريقيا أبان عهد تطبيق سياسة الفصل العصري الذي يحظر فيه تواجد الأفارقة في مرافق معينة أو العمل بها .

يقول كندي في إشارة منه للفوارق العنصرية والسلالية التي شملت حتى بيوت الله بحيث أصبحت حكرا لفئآت احتفظت لنفسها بالصفوف الأمامية وكأن المساجد بيوتهم وليست بيوتا لله :




حتى العباده في المساجد كل طبقه في مكان
حميد يجلس في الورا حتى دخل قبل الأذان
وفي المحاكم حد يدينونه ولاخـر لا يـدان
هذا يجب نحكمه والثانـي مكـرّم لا يهـان
هذا ضعيف الأصل والثاني من الناس الزيان
هذا من أسره طيّبه جده فـلان ابـن فـلان
في كل شي تمييز حتى في المقابر والكفان



وفي تناوله لتعميم التعليم كحق مكتسب لكل مواطن بغض النظر عن جذوره أو إنتماءه الطبقي والنظرة التحررية المحدودة التي سبقت الإستقلال الناجز في 30 نوفمبر 1967 متنبئا بما سيعقبه من تحرر كامل للطبقات الرثة في المجتمع يقول كندي :




مـا شفتـم امبيريـك وسويلـم بـدوا يتقربعـون
يستعملوا ( نحن ) و ( أنتـم ) عندمـا يتحدّثـون
وأولادهـم وأولادنـا فـي المدرسـه يتعلّمـون
عينه وحتى فـي الصفـوف الثانويـه يدرسـون
في الفاتحه وأربع سور أو خمس أو ست يحفظون
واليوم قدهم في الرياضيات والفن بدوا يدرسـون
هـم والطبانـه والحبايـب عالمنـح يتسابـقـون
وإن عـاد نحـن إلا استقلينـا فمـاذا بايـكـون
نحن الأقليه وهـم الغلـب وهـم لـي يعملـون
باتصبح الدولـة فـي أيديهـم وهـم بايحكمـون


منقول للفائدة


ليست هناك تعليقات: