الخميس، 10 ديسمبر 2009

عيشة ابائنا جزء الثامن
ان ابناء الجيل الحالي والذين ولدوا بعد عام 1967 تغيب عنهم الكثير من المشاهد الحية في حياة ومعيشة ابائهم ومنطقتهم وما يعنينا هنا هي بلدنا عينات على وجه التحديد كيف كانت معيشة ابائنا وكيف كانو يقضون يومهم العادي وهو ما سنركز الضوء عليه ولعل الامر يجرنا الى تسليط الضوء الى زوايا اخرى من معيشة الاباء في العمل والعادات والتقاليد
************************************************** *********
اولا اود تاكيد قضية هامه وهي انني في بحثي الرامي الى تسليط الضوء على معيشة الاباء وما فيها من جهد وعمل وقيم واستقامه فانني لا اود ان اعطي دلاله خاطئة في تقديم ابائنا وجدودنا وان اسبغ عليهم هاله من القيم تظهرهم وكانهم ملائكة الله يمشون على الارض وخوفا من ان يتقدم شخص ما بسئوال يقول فيه ان جدودكم وابائكم في عينات هم اشباه الملائكه او الرسل من خلال تقييمك لهم فاقول انتبهوا جيدا لان هناك فرق بين تسليط الضوء على القيم والاخلاق وبين نقيضها واهلنا في عينات سابقا وحديثا هم من البشر الخطائيين يحملون نفوسا بشريه بكل ما تحمله النفس من احمال ما بين الخير والشر والحب والكره الى اخر القائمه ولهم اخطائهم كغيرهم من البشر ولسنا بصدد تسليط الضوء عليها الا انها بالتاكيد من خلال المعايشة والتواصل الوصفي بين الاجيال فان الاخطاء والاعوجاج والكره وبقية القائمه هي فيهم اقل منها بكثير مما في ابناء هذا الجيل وقد نتطرق مستقبلا الى جوانب قد تلاحظون فيها بعض من اخطاء وطبائع البشر غير السويه ظاهرة بها –
وتتابعا لما سبق وما دمنا في السوق فسوف اكمل بعض الاعمال المرتبطه بالسوق قبل الانتقال الى اعمال اخرى وساحاول ان اقدم ايضاح بان اهل عينات اذا صح ان عددهم يقارب عشرة الاف قبل المجاعه فان اغلبهم كان يزاول عملا وليس هناك بطاله لديهم وان عينات في ازدهارها كان بسبب ظروف محدده وان انحسار الضوء عنها ايضا كان بسبب ظروف واسباب عسى ان نستطيع بتجرد تحديد جزء من هذه وتلك للوقوف على الواقع المعاش وقد يتم ذلك بطريقة غير مباشره وضمن المواضيع كلما وجدنا لذلك مبرر وفسحه *
الدلالة والدلالين
بحكم موقع عينات كانت محط لتوافد البضائع والاغنام وتعتبر سوق جمله للمنطقة المحيطة ولهذا فقد كثر الدلالين في عينات واصبحو بالعشرات ولكي نوضح مقتضيات هذا الامر فان البدوي القادم من النيد ( النجد) أي الشمال الشرقي من وادي المسيله او القادمين من ارض المهرة يجب عليهم اذا ارادو السفر لبيع بضائعهم ان يتم اختيار الاشخاص الامناء الاقوياء القادرين على تحمل عناء السفر وتبعات حفظ اموال الناس واهم صفه ان يكونو من قبائل مهادنه ليس بينها وبين القبائل الاخرى ثارات حتى يظمنون ذهابهم بالاموال بالبضائع وعودتهم بالاموال والمواد المشتراه سالمين – مع العلم ان افراد القبائل سابقا كانو مسلحين حيث لا يتوفر السلاح الا للبعض القليل فقط وقد سبق الاشاره الى ان تربية الاغنام وخاصة النوع العنز لقوته وقدرته على تحمل الحراره وقدرته على الصعود في الجبال حيث ان حضائر البدو الرحل تكون في (غيران ) مفردها غار كان تقول غار حراء مثلا - بالجبال بعكس النوع الضاني الذي لايتمل الحرارة او السير الكثيرولايستطيع الطلوع الى الغيران بشكل سريع وذلك بسبب وجود الصوف اولا وربما اسباب اخرى برغم ان الظان اكثر توالد فهو يلد مرتين في العام- ( فائدة لقد كنا نرى الظان وهي تدخل الى المخاويل وقد تاكل مما تجده الا انني وغيري لا بد انه لاحظ ذلك لم نرى العنز ذكره وانثاه يدخلون للمخاويل ويقال ان لديهم انفه وعزة نفس ولهذا اهل حضرموت يحبون لحوم التيوس والمعيز ويقولون للتدليل على ذلك ( تيس ولو قصر شحمه ) ويقولون ان لحم الظان حرير أي حار بعكس عرب الجزيرة الذين يرون الكباش الخرفان هي الافضل -
وتتكون فرقه السفر من مجموعه من الرجال الشديدين الامناء يقومون بالمرور على الحلل ( مضارب ابناء القبيله ) وعلى بيوت ابناء اهل القبيله يشعرونهم بالعزم على الذهاب لبيع الجلب فيقوم كل بيت باعطاء من يكلفونه ما يفيض عن حاجتهم وما يلبي ويسد طلباتهم لشرءا مواد اخرى ويتخلصون بشل اساسي من التيوس الذكور ومن بعض الاناث ( الشوويه ) مفردتها شاة التي يرون انها قد استهلكت ويعرفون ذلك بالخبره لديهم ولهذا فقد تجد احد افراد الباديه من البائعين يكون لديه خمسين او ستين راس غنم لعدد عشر اسر او اقل ويتم تميزها اما بوضع رسم على جسمها غالبا ما يكون لون او ان تكون فيها علامه مميزه لا تحتاج معها الى تمييز كما يتم اعطائهم بضاعة اخر نسميها القثي وهي نوع من الجبن الصلب الذي تقوم الاسر البدوية عند تكاثر اللبن بعمل القثي ويكون لونه مائلا للصفره وحجم القطعه بحجم اصبع اليد ويتم ضغطه باليد بعد وضع خيط بحيث يتم يبدو كالمسابيح كل عشرين او خمسة عشر اصبع علي شكل مسباح
وكنا نحبه ونعجب به والامر نفسه يتكرر لدى المهرة القادمين ببضائع اللخم والكرتم والوزيف حيث يحرصون عل ان تكون بضاعتم ناشفه يابسه لسبب انها تدر عليهم ثمنا اكبر اذا كانت ناشفه بعكس ان كانت رطبه او فيها سدوه ( رطوبه ) اضافة الا ان للجمال حدا معين من الوزن يضعونه عليه ولا يتجاوزونه باي حال فاذا كان عدل ( الجونية التي تحتوي على اللخم( تسمى عدلا ) ناشفا كانت الحموله اكثر والعكس صحيح
ولهذا فان اعداد المهره والباديه القادمين الى عينات بالمئات فيحرص كل فرد منهم ان يكون له دلال خاص لا يتعامل مع غيره ولا يحق للدلالين الاخرين ان يتعاملو معه فكل دلال يعرف عميله وكل عميل يعرف دلاله
ومهنه الدلاله تعتير من المهن الصعبه حيث لا بد لمن يرغب في امتهانها ان يكون لديه الكفائة فهي تتطلب الذكاء والطلاقه في اللسان وسرعة البديهه والقدره على الاقناع اقناع صاحب البضاعه بان بضاعته لا تستحق اكثر من الحد الذي قدره بها واقناع المشتري بان البضاعه تستحق المبلغ الذي قدره لها دون دجل او كذب او خداع ولهذا يعتبر الدلاليل من اذكي الاشخاص واكثرهم قدره على الرد المفحم والسريع وقد استحقوا ذلك كونهم متواجدين دائما في السوق الم تسمعو سابقا اذا تخاصمتم مع فرد اذا اراد ان يمدح نفسه ان يقول لكم انتبه مني شوفنا ولد سوق ما نا غشيم وكلمة ابن سوق ليست ذما فانت قد تقول لشخص يااسد او يا تيس او يا نمر فيفرح وقد تقول له ياثور او ياحمار فيزعل بل اذا قلت له ياكلب ربما وصل الامر الى التصارع معك والواقع ان الكلب والحمار والثور في رائيي افضل من الاسد او النمر من خلال فائدته للمجتمع والافراد والا فما نفع الاسد الذي لديه عشات الاسماء ليس منه نفع سوى انه يدل على القوه التي يحترمها الضعيف وبالنسبه للكلب فقد ذكر في القران{وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً }الكهف18)( {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }الأعراف176) زكفائده فقد سمى احد غلاة الشيعه نفسه كلب على يقصد امير المؤمنين علي ابن ابي طالب ولما سال عن السبب قال البيت التالي ( كلب اهل الكهف من النار نجى * كيف لا انجو وانا كلب على ) وهي عقيدة فاسده بالتاكيد - او النمر ماذا يقدم للمجتمع غير افتراس اغنامهم وحميرهم ومواشيهم ولكنها عادات وتقاليد
ان الدلاله والدلالين يتمتعون بما يتطلبه الامر منهم لمزاولة هذا العمل وفي هذه الاوقات فان عمل الدلاله يدر دخلا يفوق التصور خاصه اذا كان في العقار –
اذكر من الدلالين في سوق عينات بعضا ممن توفاهم الله ونطلب لهم من الله المغفره والرحمه وممن اذكرهم
المغفور لهم – حنده بلحيك – كرامه عوض بلحيك- عمر مطران + محفوظ حسن + علي سلمان وغيرهم كثير ولانني لاانقل معلومه الا اذا كنت متيقن منها ورايتها وهنا استطيع ان اجادل فيها او قراتها في كتاب فمن شكك فيها احلته الى الكتاب الذي ذكرت تلك المعلومه فيه واذا سمعتها من البعض فاقوم بايرادها وستكون المعلومه قابله للنقض والتعديل والتجريح– ومن الاحياء الاخ سعيد بقاطة - لقد كان في عينات انظمة متعدده لتنظيم عمل اهل عينات فكان هناك لجنه مشكله من قبل قيادات البلد تسمى ( المجلس القروي بعينات ) تضم في عضويتها العديد من اعيان البلد الذين يتميزون بالنبوغ والفكر والعلم وممن اذكرهم المغفور لهم - سعيد على طافان ومحمد عبيد منصور ومحمد عوض بايعقوب وغيرهم وسوف نذكر جوانب من منضومة عينات الاجتماعية كلما تيسر لنا ذلك * وقد رايت بعيني
محضر مكتوبا على سجل كبير للمجلس البلدي تم في مضبطته تغريم احد الدلالين مبلغ اثنين شلن بسبب تعديه على الدلاله لبدوي ليس من عملائه اضافه الى رد اجرة الدلاله للدلال الاصلي * ويبداء دور الدلالين عند قدوم قطار الجمال محملا باللخم والبغزيز الغيضي والكرتم والوزيف او عود الاراك للغمر او عود العلب او جواني السخر الفحم او العصبه للدهره في التنار لعمل الخبز او الحطب الذي يستعمل للطبخ وغالبا ما يكون من عود الركن ( وهي شجره تشبه العلب الا ان اغصانها تشبة الاعواد الصغيره وكان البعض يخلط تلك الاغصان مع التبل عند ضرب المدر وكانت هذه الشجرة متواجده بكثره في مناطقنا وخصوصا على مشارف المسيله حيث كنا نرى عشرات من اشجار الركن والاحظ انها قد انقرضت او على وشك ) بالاضافه الى السعف للطبخ او السعف الطويل الاغصان الذي يستورد من وادي سعف او بعض مناطق المهره حيث يستعمل في الصناعات اليدويه للمحافر والسلاق والمفتتات والقفف واهم الامور في استعمالاته هو صناعه وحبك الخبر ( مفردها خبره ) تصنع في البيوت وكنت ارى والدي ووالدتي وجدتي رحمهم الله يقومون بشطف تلك الخبر ثم تباع بالمئة لاصحاب النخيل وهي تقوم مقام اكياس النايلون حاليا التي يتم فيها تغليف ثمار التمر حتى لا تتساقط او ياكلها الطير ( بالنسبة للبغزيز البندرى المالح والحنيد فانه يستورد من البنادر من الشحر وقصيعر والمناطق البحرية – وكما اسلفنا فلا يمر يوم لا نرى قطار والذي هو عبارة عن مجموعة جمال مترابطه مقطوره واحدها بالاخر حيث يتم ربط ذيل اول جمل براس الجمل الذي يليه وهكذا وقد يزيد اعدادها احيانا على العشرين جملا ونستثني منها الايام التي فيها سيول وكنا نرى يوميا جلب قادم وقد يدخل اكثر من جلب الى حد ثلاثه او اربعه وكل جلب قد يكون فيه ما يقارب الثلاثمائة راس من الاغنام قد تزيد قليلا وقد تنقص واذا ما شاهد احد من الدلالين او اهل السوق الجلب وهو قادم استبشر وردد بصوت مرتفع يسمعه كل اهل السوق ( الشحيم واللحيم ) وقد يردد هذه الجمله احد البدو القادمين يدعو فيها الراغبين في الشراء فيحصل بعدها تجمع لاهل السوق ناحية الموقع الرسمي لتجمع الجلب وهو تحت العلب والمنطقه المجاوره اما القطارات للجمال فان موقع تجمعها يكون في المساحه مقابل منزل سعيد عبيد رجب وسالم عبيد جمعان في المنطقة التي فيها سقاية ماء ودكاكين سعيد عبيد رجب
اما طريقه البيع فانها تتم على اساس المعاينه النافيه للجهاله فاذا اراد شخص عدل لخم او كرتم او وزيف او بغزيز فانه يضع عليه علامه بعد ان يكون قد قام بتفحصه وانه خالي من السويفه ويابس وليس به مروره ( أي قار الطعم ) وغير ذلك مما يعرفونه بخبرتهم وتمرسهم ويقوم الدلال المختص بكل بدوى بالدلاله على العدل على اساس البيع بالرطل وليس بالعدل فحين يتم البيع يتم رفع ما تم بيعه من العدول ( وغالبا يتم بيع الجميع ) الى موقع الوزن في المنطقه التي يشغلها حاليا مكتب و مقر مشروع ماء عينات الخيري حيث يتم وزن البضاعه على الميزان الموجود والمسمى القفان وعو عباره عن ساريتان من اللبن ويربطهما عود خشبي قوي معلق فيه سلسله لتعليق الميزان الضخم ولا اذكر هل الميزان يوضع مع الاواق التي هي الاوزان الحجرية في الدكان المخصص لذلك ام ان الميزان يظل معلقا وكفف الميزان ضخمه ومصنوعه من الخشب ويتم وضع كل عدل على حده علي الميزان لكي يتم دفع ثمن الارطال من قبل المشتري بعد استخراج وزن الجونيه ( الخيش ) وهو امر متعارف عليه بين البدوي او المهري والدلال والمشتري لا يولد اختلاف ويقوم بهذه المهمه الرفع والوزن الحمالين المتواجدين بالسوق وكنت ارى وانا صغير ان الدلال والحمال غالبا ما يسحب قطعه من اللخم تسمى دقس ربما يكون وزنه رطل او رطل ونصف وبحضور صاحب البضاعه الذي لا يعترض ابدا ولا اعلم هل هو اجرة الدلاله والحماله ام ان ذلك عرف لديهم ولا يتم السحب من جميع العدول ربما واحد او اثنين بالكثير-وبعض العدول تكون فيها اسماك القرش الكبيره ويسمى اللخم بردعيت وله اسماء اخرى ويتم بيع الحوت مع اطرافة الي نسميها الصعانين وهى منطقة الذيل والجناكين ومنطقة الظهر ويعمل المشتري حسابه فى ان تلك الاطراف سوف يتم اسقاطها فيضع بالحسبان زياده في سعر الرطل عند البيع حتى لا يخسر وكانو يلقون بالصعانين في جوانب السوق فتكون طعاما للكلاب والقطط واحيانا للفقراء الذين ياخدون بعض الاطراف التي ربما يكون فيها بعض اللحم وتوضع في الصفاري ليكون حساء او مرقه يتم فيها وضع الخبر لعمل فته وتكون وجبه وهذا الامر قبل ان يعرف العالم المتحضر فائدة الاطراف التي اصبحت تباع بشكل منفصل وباسعار باهضه فسبحان من اطعم الفقير في زمنه بمادة مجانيه عاليه القيمه الغذائيه دون علم او عمل منه ودون علم اصدقه ممن القاها*
اما في بيع الاغنام فان اغلب اهل حضرموت يقومون بتربية الاغنام ولان تواجد سوق الاغنام في عينات مستمرا فترى القوم من كل المناطق يتحينون الفرصه لشراء الاغنام خصوصا قرب شهر رمضان وعيد الحجه او عند وجود اعراس او في حاله الولادة فلا بد من تميمة تذبح لكي يتم اطعام الوالده لتعويضها ما فقدته من دماء ولمدها بالبروتينات اللازمه لكي تنهض وتمارس اعمالها باسرع وقت وايضا لا بد من شاة لبون او ظانه انثي الكبش لكي تكون معينا للوالده في اشباع الطفل من اللبن وبعض النساء يكون لبنهم مر وقد مات عديدون من الاطفال بمثل تلك الاسباب اما بعض الاطفال فلا يتوفر لدى الاباء امكانيه لشراء منيحة من الاغنام
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( أربعون خصلة أعلاهن منيحة العنز، مامن عامل يعمل بخصلة منها، رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلا أدخله الله الجنة )) رواه البخاري. معنى منيحة العنز : أي أن تقدم عنزاً أو ناقة أو بقرة ، لفقير كي يستفيد من لبنها وصوفها ، ثم يردها إليك .اما من لم يجد فيكون غذائهم الاساسي التمر من خلال الملغه ( وهي وعاء يشبة براد الشاي الصغير ) يتم عمله لدى النجارين وله ذبذبة او رقبة طويله تقوم الام او الجده بوضع الطفل في حضنها وهي جالسه ثم تكتفه برجليها وتقوم بفتح فم الطفل باليد الاخرى وتقفل انفه لكي يكون التنفس من الفم فقط وتضع الملغه في فمه وتولغه المريس الذي هو عباره عن منقوع التمر ماء وتمر ويكون الامر صعبا وشديا على الطفل الذي يتجرع المريس غصبا عنه فاذا رفض او بكى وضعت كمية من المريس في الفم فعندما يستنشق الهوى يبلع المريس غصبا عنه وهذا من الفقر وقلة ذات اليد والملغه ايضا تستعمل لااعطاء الطفل حليب الاغنام ان توفرت-
وعوده الى طريقه بيع الاغنام حيث يقوم احد باعه الاغنام او الراغب بشراء راس او اكثر ويمسكها من اذنها او من القرن ويجرها الى الدلال الذي يكون جالسا واذكر اننا كنا نستمتع جدا بالمبايعات التي تحدث ومن الاشخاص الذين لا زلت اذكرهم ممن يمارسون الدلاله رحمه الله عليه حنده بلحيك وهو كفيف النظر ابيض الوجه على وجهه علامه الورع والتقوى ذو صوت جهوري وبرغم انه لا يري فان لديه من الذكان والخبره (كغيره من الدلالين والمشترين وتجار الاغنام في تحديد خصائص البضاعه وجودتها وتقدير ثمنها الذي اذا وصل الى حده الاعلى لا يخاطرون بزياده في ثمنه) ما يجعله دقيق في تقدير ثمن راس الغنم من خلال تلمسه ورفعه ووضع يده في مواضع محدده لتحديد السمنه وغير ذلك وقد كانو تستطيعون من خلال اللمس ورفع راس النغم تحديد تقريبي لوزنه وهي هناك حمل من عدمة وغير ذلك
وهناك مجاميع من الاشخاص يقومون بتربية الاغنام وبيعها وشرائها وسنتعرض لذلك مستقبلا ويتم البيع وفق ما يلي يقوم المشتري باخذ راس الغنم واحد او اكثر الى الدلال ويلاحظ البدوى هذه العملية حيث يكونون مستعدين لحجز اغنامهم عن التبعثر وعن ان تختلط بالاغنام الاخرى المجلوبه وايضا يلاحظون راس الغنم في عهدة من فيذهب البدوي للدلال الذي بعد ان يقدر تقدير مبدئي لثمن الراس يقول مباشر اشتريت اشتريت بعشرين اشتريت باثنين وعشرين شلن اشتريت ويزيد في السعر برويه ويكون رد فعل المشتري في البداية اما بالقول اشتريت او يقول للدلال هلل بحسك انت او بلا حس ويحاول ان يظهر عيوب راس الغنم وعزوفه عن شرائه تمنعا كاذبا وتحت الحاح الدلال يعود ليوافق على السعر وهو يعلم مقدار السعر الحقيقي للراس
وكذلك الدلال بخبرته يعلم بثمن راس الغنم ان لم يكن بشكل موكد فانه قريب من ذلك وتعتمد المفاصله على رغبة المشتري فاذا كان راغبا بعد تردد يقول له (اشتريت) أي قبلت بهذا الثمن فيرد الدلال على البدوي( بعنا ) أي بع بهذا المبلغ فيرد البدوى عليه بقوله (سد عليه )أي زد في الثمن ويزيد الدلال في الثمن وهو عارف ان السعر اقل من الثمن المطلوب فيزيد في السعر قائلا اشتريت بخمسه وعشرين ويماطل المشتري
فيقول له حقها اشتر ماشي غير هذا السعر فيذهب المشتري الى الدلال ويمسك راس الغنم منه ويطلقه من يده وهو مركز عليه ويقول له اشتريت وقف لن ازيد فيواجه الدلال البدوي ويقول له بعنا والبدوي يتردد في القبول واحيانا ما كان البدوي يجلس بقرب الدلال فاذا وصل السعر لما يعتقده الدلال انه السعر المناسب يمسك بلحيته وبشعر رأسه ويقول له بع واحيانا يحلفه بابيه ويقول له ببوك بع ( أي بابيك بع ) وكنا نتعجب من كثرة جر اللحى ونتفها وجر شعر الراس ونتفه من قبل الدلال للبدوى وتحمل البدوي لهذا العذاب وهذه المعامله فاذا اصر البدوي على الرفض فان الدلال يطلقه وعند الموافقه يقول البدوي ( نصيبه ) بلهجته البدويه وكانه يقول بارك الله له هذا من نصيبه وحظه * ان ارتباط البدو بعينات له اثر كبير وفعال على اهلها من خلال تداخل المصالح وقد سبق الاشاره الى ان البدو سواء القادمين عير جهة الشمال من ثمود ورماة والمهره او القادمين عبر عقبة عينات الموجوده في شعب الغدير بجبليت والتي تفضي لطريق الشحر وهي اقصر الطرق للشحر من وادي حضرموت كما علمت وكان الجميع بعد انجاز مهامهم ان كان بيعا او تسليم بضاعه ينبرون لشراء الكثير من المتطلبات من التجار والدباغين والمزارعين والصوغ ( صناع الفضة ) والحدادين والبزازين وهكذا تتداخل المصالح وتتمازج وسوف يتم القاء بعض الضوء على جزء منها – ايضا من اعجب ما كنت اراه في صغري وانا اراقب البدو القادمين الى عينات ونسائهم فارى مثلا ان بعض النساء يكن في اعمار متقدمه جدا الا انهن يحافظن على رشاقتهن وتظن ان من عمرها فوق الستين والبعسن كانها ابنة ثمانية عشر من جهة القامه وكانت النساء يضعن فوق رؤسهن الصفرية التي يتم طبخ الوجبات فيها وايضا كثرة صبغ وجوههم وابديهن بالنيل الازرق ويقال انه لكي يحميهن من الشمس ويزيد من بياض الوجه والايدي وايضا صبغ الارجل بالورس بحيث تكون الارجل صفراء اللون وهو نوع من انواع مساحيق التجميل التي كانت النساء تستعملها في عينات ويضعونها على جبين المراه التي وضعت مولود وغير ذلك وربما كان صبغ الرجل باللون الاصفر يتم من خلال الكركم الهرد وهو الاقرب للواقع لان ثمن الورس كبير بينما الهرد سعره بسيط ( ويتم استيراد الورس من شمال الوطن ) و الله اعلم ولكني اعتقد ان اللون الاصفر للرجل امر مرغوب بين الحضر والبوادي وااسس قولي هذا على ذمة المرحوم حسين ابوبكر المحضار الذي قال( ذا فصل حي ممساك ياصفر السيقان خليت خلك في شطن يتتبع الاثره * ونسيت ما بيني وبينك اه ياخاتم سليمان ) (ملاحظه ان كلمه يااصفر السيقان كانت الاصل يااطول السيقان )ايضا من ملاحظاتي ان البدوي يضل واقفا لساعات طويله وكان يقف على رجل واحده ويضع اصابع الرجل الثانية على ساق الرجل الاخرى التي يقف بها ويحفظ توازنه بالعصى التي يحملها فاذا تعبت الرجل الاولي استبدلها بالاخرى وكان البدو مسلحين وغالبا كانو اذا دخلو عينات سلمو بنادقهم في المركز او اخفوها في اشجار المسيله فاذا عادو اخذوها وكان السلاح يتواجد مع فئة قليله واغلب الدلالين كانو يملكون اسلحه كالمرحوم محفوظ حسن والمرحوم على بن سلمان ميسره يمتلكون بنادق تسمى بافتيله كانت طويلة المعنقه الماسوره ويتم وضع البارود فيها من الاعلى وارجو ان يكون الاخوان ميسره على سلمان وسالم محفوظ حسن وغيرهم ممن ملك ابائهم بنادق او اثار ان يكونو محتفظين بتلك الذخائر التراثيه ايضا من ملاحظاتي ان الدلالين كانو يستلمون مبالغ البيع الخاصه باصحاب البضائع لديهم ويقومون بلف كل مبلغ لراس غنم او غيره على حده وبعد اكتمال البيع نهائيا يتم دعوة اصحاب البضائع وتسلم لهم النقود لكل راس غنم ثمنه الذي بيع به يسلم على حدة حيث يكون لدى البدوي اما كمر سير او حزام كبير يضع المبالغ فيه وهي مبالغ خاصه بغيره من الاسر وذلك بعد ان يقوم بشراء ما طلبوه منه او ان يضع المال كما رايت لدى البعض في طبال او علب تشبه علب حليب الدانو حيث يتم وضع المبالغ وهي ملفوفه كالسجائر وتملو الطبقه الارضيه ثم التي تليها وهكذا ويقال ان احد كبار تجار الاغنام من الباديه القريبة عندما توفي وجدو مبالغ كبيره كان يخزنها في تنكه الا ان الاموال او اغلبها قد اكلته الرضه ( الارضه )دابه الارض قال تعالى
{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ }سبأ14 صدق الله العظيم

ليست هناك تعليقات: