الخميس، 10 ديسمبر 2009

معيشة ابائنا جزء 5
ان ابناء الجيل الحالي والذين ولدوا بعد عام 1967 تغيب عنهم الكثير من المشاهد الحية في حياة ومعيشة ابائهم ومنطقتهم وما يعنينا هنا هي بلدنا عينات على وجه التحديد كيف كانت معيشة ابائنا وكيف كانو يقضون يومهم العادي وهو ما سنركز الضوء عليه ولعل الامر يجرنا الى تسليط الضوء الى زوايا اخرى من معيشة الاباء
************************************************** *************
العمل * الفصل الثاني
الزراعه والمزارع
استكمالا لما سبق* ويشرف على البئر كما اسلفنا الحجر الكبير وتحته يتم عمل حوض مقاسه متر طولا ومتر عرضا ونصف متر ارتفاعا ويتم بناء الحوض بالحجر والنوره او الرماد ويسمى (الثاره) ويتم عمل منفذين من جوانبة لنفاذ الماء من الحوض الى العتوم والعتم هو مجرى للماء صغير لكي يذهب الى المعداه وجمعها معادي فالغرب عندما يتم نزحه يصب في الثاره التي تسرب الماء عبر المنافذ لتذهب في المعادي الى (المطر) المساحه من الارض التي يتم زراعتها ومفردها مطيره وهي قطعة ارض مربعه او مستطيله قد تكون بحدود ثلاثة امتار في مترين او اكثر من ذلك وعوده للبئر لاستكمال التعريف بها فيتم عمل المقود وهو منزلق اي سطح مائل منحدر حيث سبق ان ذكرنا ان البئر يتم حفرها في موقع مرتفع لسببين السبب الاول ان تساعد على ان يكون منزلق المقود متوسط والثانية المساعده في جريان الماء في المعادي حيث لا بد من مراعاة الانسيابية بحيث تكون المنطقه عند البئر مرتفعه ثم تنخفظ تدريجيا حتى تصل الى ادنى مستوى لها عند حدود المنطقه المزروعه
يتم حفر البئر من قبل العمال بواسطة المزاحي والمحافر الصغيره ويتم عمل منزحه لنزح الرمل من البئر الى اعلى وحين يصل العمال الى الماء فان دورهم ينتهي ليبداء دور عمال الحصى حيث يتولون الامر من خلال توجية الحصى الذي تم جلبه وسيتم الاشاره لهذا الموضوع في موقعه ثم يتم انزال الحصى بعد تثبيته الى اسفل البئر حيث يكون معلم بناء الحصى لضفر البئر متواجدا بالاسفل بعد ان انزلوه من خلال المنزحه ويتم العمل في رص الحصى بطريقه فنية مرتبه دائريه من اسفل الى اعلى وهذا العمل لا يخلوا من الخطوره الشديده ولا زالت حادثة سقوط صخره كبيره من اعلى البئر الى اسفله ووقوعها على رجل المرحوم المعلم /عوض صالح بالليل - ماثله في اذهان البعض وكان من نتائجها ان كسرت رجله وتشوهت وتم تجبيرها الا ان ذلك لم يجدي نفعا وقد عاش حياته وهو يعرج وكانت عضام الساق واضحة للجميع يغطيها جلد الساق وبرغم ذلك كانت له همه كبيره وقد يكون لقة ذات اليد اسباب في انه تابع العمل حتى نهاية حياته * وللابار كثير من الاحداث لا نرى مانعا من ايراد بعضها هنا لقد كانت الابار كثيره وكل بئر لا بد من وجود حوض بها اما مرتفع او على مستوى الارض وكانت المواشي كثيره وخصوصا الكلاب والقطط والحمير والاغنام ومن اخلاق ابائنا انك ترى الفرد ينظر الى اغنام او حمار او حتى كلب وهو عطشان يقف بقرب حوض احدى الابار فيقوم بنزح عدة دلاء ويصبها في الحوض ليطفئ ضماء ذالك الحيوان امتثالا لحديث رسول الله . قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئرا فنزل فيها فشرب، ثم خرج فاذا كلب يلهث يأكل الثرى (التراب اللين) من العطش فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم امسكه بفيه، حتى رقي فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له، فادخله الجنة» ان وجود الماء يعطي استمرارية للمزرعه فاذا غار ماء البئر واختفى الماء منها او نقص قامو بحفر تلك البئر لمسافه اخرى الى ادني و يقولو(غطلنا )البئر فاذا انتهى الماء ماتت المزرعه وهجروها وقالو عنها بئر عوراء لقد كانت هناك العديد من الا بار العور وخصوصا خارج المنطقه وكانو يستعملونها لوضع الحمير او الاغنام
او الكلاب اذا نفقت ( خرجت روحها ) ولا يقال للحيوان مات بل يقال نفق *وحتى لا تتسبب رائحتها بامراض للمجتمع كما يتم وضع المواد التي يراد التخلص منها كملابس المرضى او الاموات وقد يقع في بعض تلك الابار بعض الحيوانات ولا زلت اذكر سقوط جمل في بئر عوراء بوادي عينات وتم اخراجه منها بمشاركه اغلب سكان عينات والبئر العوراء تندفن من خلال سقوط الاتربه وغير ذلك* و من الامور المتعلقه بالابار سقوط البعض فيها فالبئر تحفر ويبني عليها من الواجهه بناء من الاحجار بمسافة المتر او اقل ويوضع عود بارتفاع عشرين سنتي للحماية ولاستعماله لكي يتمكن الانسان من الشروف ( الاطلاله ) على البئر لرؤية الماء وهل هناك شيء اخر في البئر كسقوط انسان او حيوان وغالبا الابار الصغير تكون لها عجله ودلو صغيرلنزح الماء ولهذا فان سقوط البعض فيها امر يحدث والعجيب ان السقوط في البئر غالبا لا ينتج عنه وفيات الا في ما ندر خصوصا اذا كان السقوط بحضور اخرين حيث تتم النجده فورا وممن سقط ولم يحدث له شيئ والدي المرحوم / كرامه عوض بن عبيد فقد اخبرني انه سقط في بئر مسجد/ عمر بن حسين وكان خاله المرحوم /سالم عمر باجبير حاضرا فربط السره ( حبل نزح الماء ) وانخرط في البئر وتم رفعهما وقد عانا المرحوم سالم عمر من تهتك في جلد راحتيه ذلك انه انخرط غير عابئ بالعواقب وهكذا كانو عليهم رحمة الله اصحاب همم ونخوه ايضا ممن سقط وتوفي المرحوم /سقاف والمرحوم /احمد موسي وقد كان ذلك في عام 1962او 1963 قبل سفري للكويت او في عام 1965 اثناء عودتي من الكويت ولا زلت اذكر صوته غفر الله (وقد كان جار لنا في السكن) وهو ذاهب الى المسيله بعد صلاة الفجر وهو يغني ( قدر الله يانفس اصبري ما تجي قط بقعه بالخير ) وكان يرددها يوميا اثناء ذهابه وقد وصل الى المزرعه ووجد السره( معنجله ) هكذا يقال معنجله اذا كان الحبل قد خرج من العجله وكان لابد له من وضع الحبل في العجله لكي يتسنى له السناوة فصعد الى الاعلى وسبق القول عليه بانتهاء اجله فتعثر وسقط في البئر وقد توفاه الله * وكان البعض ممن يسقطون في الابار يسقطون في عين البئر التي غالبا ما تكون عميقه بالماء فلا يصيبهم مكروه وقد سمعت ان كثيرون من المنقذين كانو يقذفون بانفسهم في عين البئر من اعلى اذا عرفوا ان البئر عميقه حتى لا يغرق الشخص الذي سقط * ومن الجوانب التي لا انساها وجود بئر عوراه في المنطقه الواقعه امام بيت/ عبد الرحمن علي باوزير في منطقه القوز وكانت الطريق ضيقة فقد كانت هناك شجرة (سلم )خاصه بالمرحوم /عيدروس الحامد وكنا ونحن صغار عندما نذهب الى المدرسة نتجنب المرور جنب البئر العورا فيما كان المرحوم/ ربيع بن جوبح وهو اعمى البصر كما يعرف الجميع يمر كل يوم عدة مرات من بيته الى السوق ذهابا وايابا وخط الطريق لا يبعد عن البئر اكثر من متر في تقديري وكنا نعجب من ابو منيرغفر الله له وكيف ان الله يحميه لقد كان اعمى البصر ولكنه لم يكن اعمى البصيره
والجانب المكمل للبئر هوالمقود ويتم نزح الماء عبر المرابط فقد يكون في الحبل او السره مربطتتين او اكثر وقد يتم استعمال الجمال في السناوه ولم ارى في عينات من يستعمل الجمل ولكن الكثيرون كانو يستعملون الحمير في السناوه من خلال ربط السره( بكتب) الحمار ( والكتب )اداة خشبيه توضع على ظهر الحمار ويكون الحمار مساعدا للفلاح ومساعده الذي غالبا ما يكون زوجته
وحتى يتم رفع الماء بواسطة السناوه لا بد من توفر الغرب ثم السره التي تصنع من قبل من يصنعون الحبال وتعمل السره او الحبل من ليف النخيل ويجب ان تكون السره بطول البئر وزيادة بحيث يكون الغرب في البئر والساني على بعد خطوات من البئر كما يجب ان يتوفر حبل اخر بطول الماقود وعود طويل على شكل مشعاب مقفل حيث تتواجد فجوه يمر منها حبل السناوة و يتم ربط الحبل الثاني في اسفل عود الخشب وينتهي الحبل في اخر المقود ويتم رفع الماء من خلال وضع المرابط على الاليتين ( الجعاب ) اسفل الظهر وينزحون الماء حيث يساعدهم انحناء المقود الى ادنى في مهمتهم وعندما يبدوون يكونون قرب البئر والغرب في الماء فيتحركون جيئة وذهاب وهذه الحركه تسمح للغرب بالامتلاء بالماء ثم يبدءون في المشي بالخلف نزولا حتى الوصول الى اخر المقود وهنا يظهر الغرب فيتم جر الحبل الثاني المرتبط بعود الخشب حيث يتم جر الغرب حتى يقع على حصاة الثاره وبحركه فنية يرخون الشد على الحبل فينسكب الماء في الثاره وللمقود حكايات ومن اشهر من يقوم بالسناوه الشاعر المشهور في مدينة تريم سعد السويني كما ان قصيدة السيد السقاف حينما رأى تدافع الحضارم في الثلاثينيات نحو الهجرة الى اندنوسيا طمعا قي جمع المال والبعد عن المزارع تعطي مثالا لاهمية السناوه فقال قصيده نذكر منها مايلي *
ياأهــــل سيئون ما هذا الســفـــــه والغبـــاوه * كل من ترعرع وشب قالوا له اعزم لجاوه *
هت بقش بانســويلك عــــرس مع حراوه * السنــاوه ولا جــاوه ... ونعم بالســـــــنــاوه *
ومن الامثال الدارجه قديما (من كرى جعابه ما قعد عليها) بمعنى انك اذا التزمت بالسناوه فليس لك ان تجلس حتى تنهي عملك وقد سمعت ان كثيرا من النساء الحوامل اللواتي كن يساعدن ازواجهم قد جائهم الطلق في المقود اثناء قيامهن بالسناوه فيتم توليدهم في المقود ارايتم كيف كانت همه ابائنا وامهاتنا ان الموضوع متشعب ولا ارغب في الاسترسال حتى لا افقد الاريباط بين ما اكتبه وبين الموضوع ولان الامر ليس اعطاء نظره وصفيه للامر بل لا بد من حواشي واستراحات اظن انها تضيف للموضوع اثاره وتزيده معلومات ولا تخرج عنه ومن العجيب ان الحمير حينما تساعد في السناوه فانها قد تدربت على ذلك فتجدها تتحرك مع الساني وتقف حيثما يتطلب منها ان تقف وتتراحع وتستدير تبعا لما يتطلبه الامر منها والحمار من اذكى الحيوانات ولولا خوف الاطاله لوضعت بعضا من اخبار ذكاء الحمير وقدرتها على اداء مثل هذه الاعمال ولهذا فقد كانت الحمير متواجده بكثره في بيوت ابائنا وقلما تجد بيتا لا يكون تحته حمار او اتان وحتى انهي هذا الفصل المتمثل بالسناوه فان دخول مكائن سحب المياة لم يتم الا في النصف االاول من القرن الماضي ولم يكن هذا الامر متوفر للجميع بل كان الامر خاصا بالموسرين لما يتطلبه ذلك من امكانيات وربما تاتي فرصه لتسليط الضوء على ذلك وحسب معلوماتي كانت اول مكينه تدخل عينات هي مكينة شيخ بن احمد في مزرعه ال الحبيب في الوادي ثم تبعتها مكائن اخرى واود ان اذكر حادثه انقلها كما سطرها المولف ووردت في كتاب ( عادات وتقاليد حضرموت الغربيه العام والمحلي في الثقافه السلالية للمولف م – أ/ ريندونوف * ترجمة د/ على صالح الخلاقي
(لقد تم استيراد اول مكينة حراثه ( تراكتور ) الى سيئون عام 1905من قبل المزارع هود بن احمد السقاف مع مضخات الماء الميكانيكية التي تعمل بالبنزين مع المولد الكهربائي دينمو/ والسياره القديمه فورد وللاعتناء بهذه التقنيات الجديده وتدريب واعداد الميكانيكيين المحليين فقد تم استقدام المهندس الياباني ( هريامو) الذي اعتنق الاسلام وتزوج وعاش في سيئون )

ليست هناك تعليقات: